الدكتور فادي زرازير
19 - 8- 2021
دكتوراه في التاريخ وفن العمارة الداخلية ،موثق ومؤرخ تاريخي له إصدارات عن الطوابع والميداليات التاريخية إستاذ محاضر في عدة جامعات لبنانية، مرشح سابق للانتخابات النيابية.
- كيف تمكنت من جمع تناقضين بين التاريخ وفن الهندسة الداخلية ؟
اولا اختصاصي في مادة التاريخ منذ 35 سنة كان يترتكزعلى تاريخ الفن أكثر منه على تاريخ المعارك وفنون القتال واحتلال الدول هذا لا يعنيني أبدا، ما يعنيني من التاريخ هو الفن بإنتشاره كالرسم والنحت بأصنافه المختلفة والهندسة البنائية وهذا من بعدما انتهيت من دراسة التاريخ عدت و اتخصصت بديبلوم الهندسة الداخلية، وتمكنت من أن أجمع تاريخ الحضارات وحضارة الفن وحضارة الانسانية بدول العالم مع الهندسة الداخلية.
-ماذا يعني التاريخ بالنسبة لدكتور فادي زرازير؟
ماذا يعني لي التاريخ!.الناس كلها تنظرعلى التاريخ كأنه هو الماضي.
أما أنا أنظرإليه كماضي وحاضر ومستقبل ، التاريخ ليس فقط ما تم تصويره أنه فقط يعني حروب وقتال وأوبئة وفتوحات ، التاريخ بالنسبة لي يمثل حضارة الانسان، هو مستقبل الانسان ، فالانسان الذي يبعد عن الحضارة وعن فنها لا يمكن إعتباره إنسان، إن ما يميزنا إنسانيتنا التي تدرك كيف تتعامل مع تاريخ الماضي كحضارة إنسان ولا ينظر في فقط الى التاريخ عن الحروب والقتل فقط. للتاريخ امتداد مهم نحن بحاجة اليه لذلك يجب إظهار الحضارة بالفنون ، رغم كل ما نعيشه من مآسي ورغم أن الرفاهية في العالم قد تغيرت،إلا أن اللمسة الفنية بكافة معاييرها يجب أن تكمل لان الانسان لا يقدر أن يعيش بلا فن من كافة جوانبه سواء كان الرسم اوالنحت أوالموسيقى لان لا يمكننا أن نتخلى حتى عن مقدرة الموسيقى وتاثيرها على داخل الانسان ولا يمكننا أن نتخلى عن كيفة تعاطي البشر مع بعضهم بأحاسيس وكلها مرتبطة بالفن.
- لماذا برأيك لم يتم كتابة تاريخ عن لبنان الحديث ؟
نحن بلبنان لدينا اكثر من 19 طائفة .. كل طائفة لها تفكيرها السياسي والديني والفكري ولها إعلاميها ومؤرخينها.وكل شخص يكتب التاريخ من منظاره بما يمثل صالح المجموعة التابع لها .
اذا إردنا أن نتكلم عن التاريخ الذي انكتب في الاربعينات والخمسينات، هو التاريخ الذي كتبه الدكتور فيليب حتي والدكتور فؤاد افرام البستاني، حيث كتب بسردية طويلة من خلال قصص وحكايات جعلنا نلمس الوطنية وتركت بصمة في قلوب وفكر بعض اللبنانين.
مع الحروب التي مرت على لبنان التفكير السردي تغيير وأصبح قديماً ولم يعد له وجود . واذا أتينا بالتحليل السياسيي ، اليوم اللبنانيين غير قادرين على كتابة التاريخ ، لانه لا يوجد تجرد وموضوعية و نادرا ما نجد أن أحداً يتكلم بتجرد بدون طائفية فكل السياسة نابعة من طائفية وليست سياسة نابع من وطن. نحن وجدنا بوطن إسمه لبنان، ولكن اللبنانين لم يعرفوا كيفية المحافظة عليه من أجل استمراريته للمستقبل.
للاسف على الفكر الطائفي الذي أصبح مزروع في قلوب الناس وإن أي حادثة تقع في لبنان يشار إليها على أنها طائفية.وضع مذري جداً جداً ، في هذا الوضع السياسي الطائفي.
كيف تريدون أن يكتبوا التاريخ ؟؟ لا إمكانية لكتابة التاريخ والذي يريد أن يكتب التاريخ أغلب يكون موجه ومحدد باتجاه معين , أنا لست مع كتابة التاريخ في الوقت الحاضرلانه لا يوجد سرد ولا يوجد مقدرات .
-ما هي علاقتك مع الميداليات؟ ما هو جديدك؟ وآخر اصداراتك؟
عندما قررت أن اكتب خلال السنوات الماضية بدأت أفكر بشيء يتعلق بحاضرنا ولكن غير مرتبط بالسياسة الآنية.
أول إصدار منذ خمس سنوات صدر لي أول كتاب عن إصدارات الطوابع البريدية اللبنانية في كل مرة يصدر طابع بريدي او تذكاري يصدر مع مغلف اليوم الأول " First day cover " .
لم يكن موثق في لبنان قررت أن أعمل على كتاب توثيقي لاصدارات " FDC" في اليوم الأول الذي يصدر فيه الطابع يكون على مغلف عليه طابع وختم للبريد مؤرخ بتاريخ اليوم الأول وأنا كنت أول من عمل عليه. فقد وثقت من سنة 2011 ولغاية 2016. خمس سنوات إصدارات كاملة بالنسة ل FDC. وصدر هذا الكتاب وتم بيعه ، حالياً غير متوفر بالاسواق.
أما الإصدار الثاني هو كتاب عن تاريخ الميداليات إخترت أن أكتب عنها لميزتها وندرتها كانت تصك الميدالية كما تصق العملة في المعامل تصك الميدالية كي تبقى ذكرى لمناسبة معينة، بالإضافة أن من هواياتي تجميع الميداليات وقد جمعت العدد الاكبر منها وأعتبر الاول من الميداليات الي بملكها واول من وثق الميداليات ب 20/20 ولا يوجد ولا كتاب بلبنان او بالعالم يوثق الميداليات .
أول ميدالية تحدثت عنها هي ميدالية إحتلال الجيش النمساوي بصيدا...في التاريخ نذكر جيداً الامير بشير الشهابي الذي حكم أكبر فترة حكم بين الامراء الشهابيين وكان مركزه بقصر بيت الدين.. والعلاقة التي كانت بتلك الحقبة في لبنان مع والي عكا لبنان و كانت امارة لبنان تابعة لوالي عكا ، كيف كان يتدخل بشؤون لينان الذي كان لديه إستقلال خاص من الدولة العثمانية. سنة 1840 نذكركم بمحمد علي باشا الذي كان حاكم مصروبابنه ابراهيم باشا..حيث أرسل إبنه الذي احتل فلسطين والساحل اللبناني وصل عند حدود تركيا ، هناك قامت الدول الاوروبية فرنسا بريطانيا والنمسا وقرروا أن يوقفوا ابراهيم باشا كما قرروا يرسلوا بوارج حربية على الشاطى اللبناني حيث تم قصف بيروت وصيدا من قبل بارجة نمساوية وأعادو ابراهيم باشا إلى مصر وإستدعوا الامير بشير إلى صيدا ونفوه إلى مالطا. هذه الحادثة "احتلال صيدا" وثقتها النمسا وهذه كانت أول ميدالية عندي في الكتاب سنة 1840، وتوالت الاحداث .
ثم أصبحنا في القرن 20 تكلمنا عن الميداليات لتاسيس الكلية البروتيستانية في سوريا التي أصبحت اليوم الجامعة الأميركية، وإنتقلنا إلى الجامعة اليسوعية وتكلمنا عن تأسيسها ,ومن الميداليات المهمة التي تكلمنا عنها هي عن تأسيس مطار بيروت الدولي 1954 وأيضا عن اقتتاح مدنية كميل شمعون الرياضية سنة 1957 التي حضرها الرئيس شخصياً و الملك العبد عزيز ملك السعودي.
وهذه المجموعات التي تكلمنا عنها هي جزء من المجموعة.
- حدثنا عن كتاب الميداليات اللبنانية؟
الميدالية تتكلم عن تاريخ لبنان وعن الاحداث التي مرت وتتكلم أيضاً عن العمران والتقدم وما حدص في لبنان من تطور وإنجازات عمرانية واقتصادية ورياضية كل هذه القصص تتكلم عن توثيق الميدالية كأنكم تتكلمون عن تاريخ عندما نتكلم عن الميدالية نتكلم عن حضارة وفن. وأنا رفضت أن أتكلم عن التاريخ الذي له علاقة بالطائفية والسياسة الانية فكان حديثي عن قيمة الميداليات وأهميتها.
- كم هو عدد الميداليات التي تمكنت من جمعها وتوثيقها ؟
عدد الميداليات لدي تفوق ٥٠٠،الاكترية العظمى منها من معدن من برونزو من فضة ومن ذهب.
هذا التنوع للميداليات وبمجهود شخصي و صعب كتير تمكنت من جمعها وتمكنت ليس فقط توثيقها بل الى المحافظة عليها وحفظتها بعيدا عن الهوا لتبقى على قيمتها الفعلية وجودتها هذه هواية صعبة وقاسية.
- كونك مرشح سابق للانتخابات النيابية هل تفكر ان تعيد التجربة مرة أخرى ؟
كانت تجربة إنتخابية صعبة في المرحلة السابقة ومرة وفي ظل ظروف لا تتماشى مع تطالعاتنا ووطنيتنا وصراحة لارغبة ولا نية أبداً لدي بإعادة ترشحي مرة آخرى وخصوصاً أن الاجواء تقيلة وغير مناسبة وأصبحت افكر كيف كان سيكون موقفي لو نجحت في الانتخابات م ونحن نمر في هذه الظروف القاسية ماذا كنت سأفعل وكيف لي ا أن أساعد الناس.. الوضع صعب. صحيح لست منغمساُ في السياسية حالياً ولكن عندي تعب ضمير أنا لبناني لا أقدر اتجاهل الشعور الإنساني مع الاخوات اللبنانين الذين نتشارك معهم همومهم ومشاكلهم ، ربي ليكن معنا ونتخطى هذه المرحلة.
- ما هي رسالتك الى بيروت؟
ماذا أقول لأهالي بيروت؟! أنا إبن بيروت وخلقت ببيروت وعشت ببيروت.. كانت فعلاً بيروت، ليست كما هي في الوقت الحاضر...
كانت بيروت التي عشنا فيها على ساحة الشهداء وساحة الدباس نمر كتفاً بكتف بين الناس والمارة نعتذر منهم بسبب الازدحام عندما نصطدم ببعضنا البعض.
أما بيروت اليوم ، هي مدينة أشباح ،ومدينة أموات التي يطلق عليها اليوم داون تاون وزيتونة باي . لدي أمنية صعب أن تتحقق ، إذا كان بالإمكان أن نعيد بيروت لأهالي بيروت أن نعيد بيروت بصورتها الحقيقية بإسواقها التي كان الفقير والمتوسط والغني يشتري حاجاته منها. أنا أذكر بيروت التي تعيش بداخلي التي لا أقدر أن أتخلى عنها ، بيروت التي كلما إحتجت شيئاً ما كنا نجدها لديها... بيروت تبكي هي تبكي...
ولا أدري إذا أهالي بيروت وأنا واحد منهم قادرين أن نعيدها متلما كانت ونعيد أهلها لها ، عسانا لو أننا نقدر، وفي حال عجزنا عن ذلك ، على الجيل الذي سيأتي من بعدنا سيفعل، ولا يجب أن تكون بيروت مدينة للاشباح...