نهى عبد الصمد - 10- 9-2021
من # فجة خرق
ألى# قصاقيص
لا أعرف ان كان الشغف ما يدفعهن..أم هي غريزة المقاومة، محاولة البقاء على قيد الأمل، قريبا من الحياة.
لكنه الشغف..وحده من يخلق في الحياة أمكنة بهذا البهاء.
في السويداء سيدات يتخذن من النضال المُر نظام حياة، ولا تنازل عن الحلم ولا عن رفع نوعية وسوية ما يقدمن.
* خلود هنيدي،
أنشأت ورشة لانتاج البساط..الفَجَّة ..الفرشة التي تغطي ارضية المنزل..ليس من الصوف ولا من القطن، بل من بقايا قماش الخياطة، من تدوير الثياب التي لم تعد صالحة للاستخدام.
مشروع بسيط لكن من أنشأته قادمة من جذور راسخة في ارض العلم والفن، والثقافة و التواصل الاجتماعي الواعي، تحمل الشهادات الجامعية وما فوق الجامعية، الى اللا نهائية من البحث العلمي، تجتذب في حياتها وفي عملها سيدات مثلها، تتحول الورشة الى منبر ، يتحول الحديث لديها الى جلسات ذات معنى، تتحول المعاني الى خطوط إنتاج..لا يتسع الكلام لذكرها جميعا في آن واحد..وتفترش "مزقات" القماش ارض العمل، تلونها، وتضع في كل مساحة فكرة جديدة.
بتراتبية تلقائية، ينشأ عن هذا الملتقى ما يتلوه، وتتبلور ثرثرات النساء في حكايا تجارب مدركة ذاتها، تصب التجارب نفسها في لوحات تنطق بما قالته الحكايا وما لمحت اليه السيرة الذاتية الغنية بما يمكن تقديمه، ما يستحق الاقتداء به.
خلود، الاخصائية في علم النفس، امتهنت بحرفية في التحليل النفسي، لم تمنعها أمومتها المبكرة من متابعة التعلم والارتقاء على سلم الشهادات، ثم النزول بالمعارف الى أرض الواقع، في ممارسة تطبيق النظريات بسلاسة ومهنية، في مواصلة الحفاظ على العلاقة الطيبة مع محيطها الشخصي اولا، يساندها زوج كريم متفهم وأسرته، ويدعمها أهلها .
قد يكون هذا الواقع سببا مهما في نوعية الرابطة التي نشأت في الورشة، واعطت الطمأنينة لتلك النساء يتبادلن الأخبار، ويتلقين الدعم النفسي كأنما هو كأس من الشاي اليومي، يصحبه منديل رقيق يمر على جراحهن فيواسيها، ويسحب خيط الألم، يحوله ألوانا زاهية، يفرشها على أرضية اللوحة المحايدة، يعطيها اسما ومعنى، وجناحا يعبر الى آفاق كثيرة، يخبر النساء اللواتي لم يعبرن بوابة الألم ان العبور ممكن، وتجاوز الأزمات ينجح عندما نعمل على علاج الأزمة، أن طلب المساعدة ضروري، ان الانضمام الى فريق، خطوة مهمة، و آمنة...
هذه التفاصيل كانت حاضرة بقوة في ورشة
# قصاقيص
وكان صداها منتشرا على مساحة واسعة في الوطن وخارجه.
قرأت في ذلك المعرض كثيرا من اللوحات. كثيرا من القصص..
*بهرتني إحداهن بوجهها الذي نسي سنوات المرض والنكران وهجران الزوج الحبيب عندما ذبلت ياسميناتها.
*سحرتني مهى بابتسامتها عندما روت أشياء عن ابنها الأقصر قامة بين أقرانه والأطول ظلا بعدما أكملت مسيرة اعداده لحياة تليق بعقله النظيف وطموحه الكبير.
*أحتفلت مع لينا عند استلام شهادتها العالية المستوى، بينما يبتعد ظل الفشل في زواجها العاثر، تتسى سواد عتمة أراد إخفاءها في "دياجيرها".. وآثار ضرباته، ضربات عمياء وجهها الى القلب والجسد والروح.
*كانت الثقة تفوح من نظرة ندى، والنجاح ينطق بين يديها شهادة لايمكن نكرانها. ابتعد كثيرا طريق عبرته في الحرب بعيدا
عن بيت، عن أهل، عن أطفال وزوج لم تتمكن من تقديم أي عون لهم عندما التهمت نار القذائف تفاصيلهم.. عندما تحولت الى لاجئة فيما مضى.
قصص كثيرة سطرتها تجارب موجعة، تلاشت، خيطا خيطا مع كل حركة مقص وغرزة إبرة... ارتسمت بسمات عبرت ذلك المكان..وجها..وجها.
كانت بسمة خلود بينهن...حضنا، خطة،
و هدفا صار ملء الإكتمال.
تحية الى نساء بلدي .