الشيخ المؤرخ مكرم المصري - 30 - 5 - 2022
عمشة القنطار:
لم تكن فكرة وجود النساء المقاتلات مخالفة لما توارثته الأجيال محاكاً على نول الأساطير، ولا تسجّل مخالفة لما يجري اعتماده حالياً من عسكرة للنساء في العديد من بلدان العالم، ولكنها تبقى مساحة هامشية في أدوار المرأة الخاضعة للجدل بين القضاء على التمييز الجندري وتقمّص الذكورة، وبين الضرورة لحمل السلاح والفلسفة الذرائعية للَجم المرأة وتقييدها إلى المنزل للذين يتبناهما الشرق بمنسوجاته الفكرية كافة التي تدخله في مفارقات لا يمكن حصرها، ليسمح أو يتسامح مع دخول المرأة معترك القتال. والقتل كاستثناء لا بوصفه الحافّة التي يجب أن يعاد فيها النظر في تاريخية وضع الأقفاص حول النساء وداخلهنّ والتمكن منهنّ على النواحي كافة، فالدائرة المُحكمة لدونية المرأة لا تنظر بعين واسعة إلى أنها قدّمت أوراق اعتمادها كمقاتلة بالتساوي مع الرجل، بل إلى أنها صنعة أخرى تخضع للقوننة الذكورية.
ففي التاريخ الحديث لسيدات بني معروف ظهرت امرأة معروفية قلّ نظيرها في مجتمعاتنا الحديثة والمعاصرة إنها الست عمشة القنطار، اتصفت هذه السيدة الفاضلة بقوتها البدنية ومضاء الهمة والبراعة في استخدام السيف والرمح فكانت سرعتها بضرب السيف تضاهي سرعة ثلاثة فرسان في أنٍ واحد.
وكما هو متعارف تاريخيًا أن آل القنطار قد استطاعوا الإنفراد بالحكم في أوائل القرن التاسع عشر في منطقة راشيّا ووادي التيم . غير أن نظرة السيدة عمشة القنطار كانت بعيدة مدى الهمة فقدّ تجاوزت منطقة آل القنطار وعمدت إلى مايشبه الفتح فاقتطعت زحلة و حكمتها . في معركة عيون 1895م ودورها في التغلب على الجيش العثماني المؤلف من أربعة آلاف مقاتل .
كما تلمع أسماء " بستان شلغين " و" شمّة أبوعاصي" و" عبلة حاطوم " و" ترفا المحيثاوي" اللواتي حولنَّ مقدرات معركة المزرعة مع الفرنسيين عام ( 31 تموز - وانتهت 2 آب - 1925م ) من الهزيمة إلى النصر وأنقذنَّ بقوة السلاح الكثير من الجرحى في معركة اللجاة. مع العلم أن معركة المزرعة راحَ ضحيتها 341 شهيداً من مجموع أربعة آلاف مقاتل من مختلف قرى الجبل عدا الجرحى و الّذين أصيبوا بعاهاتٍ دائمة .