الشيخ المؤرخ مكرم المصري - 11 - 5- 2022
ست جندلة رضي الله عنها
المرأة الموحدة المعروفية عبر التاريخ شهيرة بأخلاقها وحشمتها واحترامها لعفتها وتصرفاتها، فقد برز عددًا من نساء بني معروف أوكلت اليهم مهمات سياسية واجتماعية وقد نجحوا بذلك. وكيف لا فالمرأة المعروفية هي مثلها مثل الرجل متساوية معه بالحقوق والواجبات.
ومن أبرز السيدات المعروفيات في التاريخ الوسيط والحديث:
الست جندلة:
ولدت الست جندلة رضي الله عنها عام 1430، وتوفيت عام 1503. هي التلميذة الأولى للأمير السيد عبدالله التنوخي (ق)، كانت تسكن بالقرب من عبيه في بلدة عين كسور وقدّ حولت منزلها الى مجلساً للمؤمنات الفاضلات، كانت تدرس عند الأمير (ق) وتدرس المؤمنات ما تتعلمه حتى إنها فتحت كتّابة في منزلها لتعليم المرأة الموحدة القراءة والكتابة دون أي مقابل.
لم تدخل مدرسة في طفولتها لكنها انتسبت إلى المدرسة الروحية للأمير السيد (ق) تُشغل فكرها بما تسمعه وتملأ روحها بما تحفظه من الأدوار وتخزن في ذهنها كل ما تلقفته من تعاليم الأمير السيد (ق) لتلاميذه وللأجاويد، مُقبلة على كتابها تقرأه وتراجعه وتكرره، فصارت تقرأ الكتاب غيبًا، ومع أنها لم تكن تعرف القراءة، لكنها توصلت بعمق إيمانها وبحدسها وباجتهادها وبتفرغها الكلي، إلى الاندماج والانسجام لعلم التوحيد، فسهُل عليها الحفظ، وتمكنت من استيعاب هذه الطاقة الروحية الكبيرة، فحفظت ما تيسر لها من كتب وشروحات وتعاليم.
وقد سارت على نهج الأمير السيد (ق) في إيمانها بالله العلي القدير، وبسرائر العباد، تخاف الله، وتؤمن أن الرزق موفور في الأرض للصالحين، وأن الله سبحانه وتعالى، ما خلق نفسًا إلا وأعطاها ما تستحق، وأنه ما أوجد إنسانا إلا وفتح له أبواب المعيشة وموارد الرزق. وهكذا فهمت سرّ دينها وعلاقتها بخالقها، وهكذا فهمت علاقة النفس بالعقل، فبلغت أرقى درجات النقاء الروحي في فكرها وعملها وتقيُّداً بمسلك الزاهدات الفاضلات المؤمنات، تخلّت عن الدنيا ومباهجها، واقتنعت باليسير تسد به رمقها، واكتفت بالبسيط من متاع البيت والمُلك، وهي ابنة الجاه والمال، لكنها فضّلت الروحانيات على الماديات، وآمنت بالنفس البشرية وقوتها وقدرتها، وأنها أعظم ما يملكه الإنسان.
وكعادة النساء الفاضلات، كان بيتها ملتقى النساء، تأتين إليها للتبرك، والصلاة، والعبادة، وحفظ الكتاب، وسماع الأناشيد الروحانية، ومراجعة المضمون، وتزويد الشروحات. وقد وهبها الله، سبحانه وتعالى بالإضافة إلى نفسها النقية الطاهرة، صوتاً جميلاً، وإلقاءً بارعاً، فكانت تنطلق بالترتيل، فترتعش قلوب النساء، كما أنها كانت تسترسل وتبرع بالوعظ والحديث، تتألق إلى آفاق سماوية عالية.
وقد توّجت كل أعمالها هذه ببقائها عفيفة طاهرة، بتولاً صادقة تقية ورعة، رفضت الزواج بتاتًا، بالرغم من أنه ذاع صيتها في كل الأرجاء. وقدّ حصلت على مكانة دينية عاليه فقدّ عينها الأمير السيد(ق) مرشدة للموحدات وواعظة دينية.
من أقوالها:
- فلتتعلم كل واحدة منكن القراءة فهي باب الثقافة، والثقافة هي حصن المرأة وجناحها.
- بالعلم نصل إلى التوحيد، ومدرسة الأمير السيد (ق) هي خير السُّبُل إلى العلم الصحيح.
- من تصون نفسها، يصونها الله.
- أذكروا الله، يذكركم الله.
- من سلّف هم غدائه لعشائه فذلك من قلة يقينه بمولاه.
- المليح مليح من منشأه.